+
صوم يومى الأربعاء والجمعة
القمص توما السريانى

صوم يومى الأربعاء والجمعة تقرر منذ عصرالآباء الرسل وتقررت عقوبة على من يكسره بدون عذر مقبول فقد قال الآباء الرسل فى كتاب الدسقولية [ أيما أسقف أو قس أو شماس أو إيبوذياكون أو أناغنوستوس أو مرتل لا يصوم الأربعين المقدسة وصوم يومى الأربعاء والجمعة فليقطع ـ اى يسقط من رتبته ، أما إن كان عامياً " من الشعب " فليفرزـ أى يمنع عن التناول ] وذلك لأهمية هذا الصوم ولزومه لكل مؤمن يطلب خلاصه ويرجو أن يتوطن السماء بعد رحلة الأرض وما فيها من تعب وشقاء ، ولأن الكنيسة لا تلزم أولادها إلا بما هو ضرورى ومفيد لخلاصهم ، فإنها تدقق على صوم الأربعاء والجمعة وتمنع من التناول كل من لايصوم هذا الصوم ولا يكون لديه عذرٌمقبولٌ .
ماهى أهميته ؟:
وقد يسأل أحدٌ لماذا هذا الصوم وما هى أهميته ليصام على مدارالسنة كلها [ عدا فترة الخماسين المقدسة ] على الرغم من كثرة فترات الصوم الأخرى ، لتصبح الأصوام فى مجموعها أكثرمن نصف أيام السنة .

للإجابة نقول : بالاضافة لفائدة الصوم الروحية كمعين ضرورى فى جهاد المؤمن لضبط الجسد ليصبح خاضعاً للروح " لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون مالا تريدون " ( غلا17:5) ، وبالإضافة إلى فوائد الصوم الأخرى ، لصوم الأربعاء والجمعة وجهة خاصة :

أولاً : صوم يوم الأربعاء من كل أسبوع هو لتذكار خيانة يهوذا لسيده الرب يسوع المسيح الذى كان قد اختاره واحداً من التلاميذ الإثنى عشر وأمين صندوق الجماعة ، ورغم أنه تمتع بعشرة السيد المسيح عن قرب وشاهد معجزاته الباهرة وكان يأكل معه إلا انه ذهب واتفق مع اليهود على تسليم سيده لهم وقبض الثمن ونحن اذ نصوم يوم الأربعاء نستنكركل أوجه الخيانة والغدر ونتسلح ضدها بأن نحذر نحن أن نفعل مثل يهوذا الخائن مع الله أو مع الكنيسة أو مع أى شخص آخر، ولأننا فى حياتنا قد نتعرض للخيانة ونكران الجميل من الآخرين فى صور مختلفة لذلك فنحن بهذا الصوم نتسلح فتمرعلينا هذه الأمور إذا حدثت معنا دون ان تنال منا وتتعبنا نفسياً ، ونضع ثقتنا فى الله وحده لأن كل البشر تحت الضعف ، إذاً فنحن فى إحتياج أن نصوم يوم الأربعاء لفائدتنا .

ثانياً : صوم يوم الجمعة من كل أسبوع هو لتذكار آلام السيد المسيح عنا وصلبه على الصليب وتعرضه لكل صنوف الإستهزاء والعار والألم ونحن فى حياتنا قد نتعرض للألم والاستهزاء والاحتقار وكل صنوف الاضطهاد ، إذ نتذكر سيدنا يسوع المسيح وما قاساه من آلام عنا تهون آلامنا ونقبلها كمشاركة منا فى آلامه عنا وتقديراً لحبه الذى جعله يقبل كل هذا لأجلنا وتمر علينا الآلام هينة مهما كانت " فاذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد تسلحوا أنتم أيضا ًبهذه النية " ( 1بط4 :1 ) أى يكون لديكم الإستعداد لتقبل الألم متى حدث ، بل ويكون سبب فرح لنا مثلما شعر آباؤنا الرسل الأطهار" وأماهم فذهبوا فرحين من أمام المجمع لأنهم حسبوا مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه " ( أع 41:5) ..وكما كان شهداء الإيمان على مرالعصور، فمن يصوم يوم الجمعة يقبل كل اصناف الألم بسهولة ، وطبعا كل ألم من أجل الله له بركة ، لذلك نحن فى احتياج ان نصوم يوم الجمعة لفائدتنا .

بالرغم من أهمية صوم يومى الأربعاء والجمعة كما أوضحنا نجد الكثيرين من الشعب يتهاونون فى صومهما ويلتزمون بالأصوام الأخرى بل وبعض المؤمنين يفرضون على أنفسهم أصواماً خاصة لم تفرضها الكنيسة ، مثل الذى يزيد على صوم السيدة العذراء أياماً قبل صومها المعتاد أوبعده أو يصوم بنوعية خاصة من الأطعمة فنسمع عن من يصوم صوم السيدة العذراء بالماء والملح أى لايأكل شيئاً به زيت أو شيئاً مطبوخا على نار، أو يمتنع عن أكل السمك رغم أنه مصرح به فى صوم السيدة العذراء .......الخ ، كل هذا يعتبر نذراً الزم الإنسان به نفسه حباً فى سيدتنا العذراء مريم وتكريماً لها ، أو لأى غرض آخر لم تفرضه الكنيسة ، يفرض على نفسه اصواما معينه ، ومع ذلك يكسرصوم الأربعاء والجمعة الذى هوأكثر أهمية من صوم السيدة العذراء ، فإذا جاء عيد السيدة العذراء ــ وهو دائماً يوم 16 مسرى ويوافق 22 اغسطس من كل عام ــ فى يوم أربعاء أو جمعة فلا يجوز الفطر فيه لأن صوم الأربعاء والجمعة من الدرجة الأولى لا يكسره إلا عيدى الميلاد أو الغطاس فقط إذا اتفق وجاء فى أحدهما ، كما يعوض عن الفطر فيهما بصوم البرامون السابق للعيد ، فكيف يكسر المؤمن صوم الأربعاء أو الجمعة بدون عذرمقبول ؟!.
الصوم هو لله :

ويجدر الذكر هنا اننا لانصوم للعذراء كأننا نعبدها بل نقدم كل العبادات لله وهى مرتبة أصلاً لفائدتنا الروحية ، لأن الله ليس فى احتياج لصلاتنا أو صومنا أو ...الخ ، ولا يريدنا ان نعبده كأنه محتاج لذلك ، انما ينصحنا ان نصلى ونصوم لأنه يعرف فائدة ذلك لنا ، وان كنا نسمى الصوم باسم العذراء هذا على سبيل التكريم لها ولأن هذا الصوم كان صوما للعذارى قديماً وكانت العذراء تصوم ومعها عذارى جبل الزيتون .

+ من كل ماسبق يتضح أهمية صوم يومى الأربعاء والجمعة بالنسبة لنا وطقسه المعتاد أن يصام بفترة انقطاع عن الطعام والشراب حتى الساعة التاسعة من النهار التى توافق الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المعتاد الآن ولا يؤكل فيه السمك ، ويعفى من الصوم كلية أو تقليل فترة الانقطاع الأطفال دون الثانية عشرة والمرضى ومن له عذرخاص كما يتفق مع أب الاعتراف ، بركة صوم الأربعاء والجمعة متاحة لكل مؤمن يحيا فى حياته الروحية بالجدية اللازمة ، ربنا والهنا المحب مخلصنا يسوع المسيح يباركنا بكل بركة روحية له المجد دائماً آمين