الحاسة الدينية
في بيت فهمان بعد أن قام الغريب برغم الإنهاك الرهيب والتعب
بتقديم رسالة الإنجيل لكل من في البيت
وإعتمد كل من آمن في بيته بالرب يسوع المسيح….
إنطلقت زوجة فهمان هي وخادماتها لإعداد طعام العشاء للغريب.
ذهب الغريب للإغتسال وغير ملابسه ورفع قلبه لله شكراً
على بركة الإستخدام الإلهي له وصلاة للبيت الجديد المكرس للمسيح….
أنهى صلاته وإلتقى مع فهمان مرة أخرى وجلسا سوياً
ينتظران أن تنتهي فهمانة من إعداد الطعام…
فهمان: كم نشكر الله الإله الحي الحقيقي لإرساله لك اليوم
من أجل أن تنقذنا من غياهب الوثنية
وذلك التمثال الذي لا ينفع “غبيود”
الغريب: كم أشكر الله أن أعطاني هذه الفرصة للشهادة له
ولإنقاذ بعض المحبوبين لديه من براثن الشرور الشيطانية.
فهمان: كيف كنت بهذا الغباء. لقد صنعت التمثال بنفسي
وكلفني الكثير وإتخذته إلهاً. كيف قمت بهذه المهزلة
ودون أن يهتز لي جفن أو رمش.
الغريب: في داخل كل إنسان جوع رهيب لله.
وهو شعور بالفراغ الرهيب. وهو يسعى لكي يملأ هذا الفراغ بأي وسيلة.
أو قل عطش جبار، ويسعى لكي يروي عطشه بأي وسيلة.
ولكن كل من يشرب من ماء هذا العالم يعطش أيضاً
ويعطش أكثر كمن يشرب من ماء مالح، ويزداد عطشه.
فهمان: ولكنني لم أشرب من ماء هذا العالم
لقد كنت متديناً لدرجة أنني كنت مستعد أن أضحي بكل شيء لأجل غبيود.
الغريب: الديانة الطبيعية تلجأ للطرق العالمية للعبادة وللتدين.
الحياة المسيحية لا تستخدم وسائل العالم.
فهمان: لقد أثرت إهتمامي، وضح من فضلك.
الغريب: أقصد أن الحاسة الدينية الطبيعية
التي لدى الإنسان تجعله يسد فراغها بشكل عالمي.
إن الوثنية التي أنقذك الله منها يا فهمان
هي أكثر صور الديانة العالمية بساطة وأقلها تعقيداً
وأكثرها إنكشافاً للزيف الموجود فيها.
الغريب: يحتاج الإنسان لإله، هذا إحتياج أصيل لديه،
وبدلاً من أن يعبد الخالق العظيم الذي أحضره للوجود وفداه بعد السقوط،
وهذا يتطلب سلوكاً بالقداسة وإنكاراً للذات وقبولاً للإضطهاد،
فضل الإنسان أن يفصل لنفسه إلهاً من صنع نفسه.
كما صنعت أنت غبيود، وشكلته على مزاجك،
وصنع فلحان فلحود وشكله على مزاجه.
فهمان: نعم نعم، أفهم ولكن كيف تقول أن هذا السلوك
هوأقل صور الديانة العالمية تعقيداً.
كنت أظن أن الوثنية هي أسوأ هذه الصور.
الغريب: بكل تأكيد كل عبادة لأي شخص أو شيء أو مذهب
غير الإله الحي الحقيقي وحده هي أمور سيئة جداً ولكن،
فهمان: ولكن ماذا؟
الغريب: الوثنية هي إرضاء للرغبة الدينية
التي عند الإنسان لأنها تقدم له بديلاً لله يريح ضميره.
يقدم له العبادة، وينسى الله الحي الحقيقي،
ويرتاح ضميره كلما مارس فروضه الدينية الوثنية وطقوسه الخاصة.
وبعد قليل يبدأ الإنسان في إعتياد هذه الممارسات،
ويصدق نفسه تماماً.
ولأن هذه الممارسات تعطيه راحة للضمير
وتشعره أن ديانته أفضل من ديانة غيره.
يبدأ في الدفاع المستميت عنها يوم أن يلمسها أحد أو يوجه لها أي نقد.
أي إنتقاد للوثنية يعتبره العابد هجوماً شخصياً حاداً
وتهديداً رهيباً لحياته ووجوده.
ولكن كما قلت لك هذه صورة مباشرة جداً
للإنحراف عن الله الحي الحقيقي
ولكن يوجد صور أخرى أكثر تعقيداً.
فهمان: كم أشكر الله لأنني الآن بدأت أفهم ما كان يحدث لي…
آه… شكراً لله وشكراً لك.
فهمان: ها زوجتي العزيزة قد أتت بالطعام….
هلم نأكل سوياً وبعد أن نتنهي من العشاء نكمل حديثنا…
كم أنا ممتن.
فهمان: تفضل يا أخي… تفضل….
إجلس هنا على رأس المائدة.
جلس الغريب…. وأمسك الخبز بيديه. ونظر للسماء
وشكر الله على خليقته وفداءه…
وقال الجميع في صوت واحد معه….
آمين.
